بحـث
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
..الجزء الثانى : الأحاديث الأربعون النووية كاملة..
الطريق الى الفردوس :: رمضــــــ كريم ـــــــــان :: ©؛°¨°؛©]... الاحاديـــــــث النبوية الشريـــــــفة ...[©؛°¨°؛©.
صفحة 1 من اصل 1
..الجزء الثانى : الأحاديث الأربعون النووية كاملة..
الحديث التاسع
عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه )) أي اجتنبوه جملة واحدة لا تفعلوه ولا شيئاً منه ، وهذا محموله على نهي التحريم ، فأما نهي الكراهة فيجوز فعله ، وأصل النهي في اللغة : المنع .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم )) فيه مسائل : منها إذا وجد ماء للوضوء لا يكفيه فالأظهر وجوب استعماله ثم يتيمم للباقي . ومنها إذا وجد بعض الصاع في الفطرة فإنه يجب إخراجه . ومنها إذا وجد بعض ما يكفي لنفقة القريب أو الزوجة أو البهيمة فإنه يجب بذله . وهذا بخلاف ما اذا وجد بعض الرقبة فإنه لا يجب عتقه عن الكفارة ، لأن الكفارة لها بدل وهو الصوم .
وقوله صلى الله عليه وسلم ( فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم علىأنبيائهم )). اعلم ان السؤال على أقسام :
القسم الأول : سؤال الجاهل عن فرائض الدين كالوضوء والصلاة والصوم ، وعن أحكام المعاملة ونحو ذلك .
وهذا السؤال واجب وعليه حمل قوله صلى الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) ومسلمة ، ولا يسع الإنسان السكوت عن ذلك قال تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } [النحل:43]، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إني أعطيت لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً ، كذلك أخبر عن نفسه رضي الله تعالى عنه .
والقسم الثاني: السؤال عن التفقه في الدين سبحانه وتعالى :{ فلولا نفر َ مِنْ كُلَّ فرقةٍ منهم طائفة ، ليتفقهوا في الدين ولِينذِروا قومَهُمْ إذا رَجَعوا إليهم لعلهم يَحذَرون } [التوبة:122].
وقال صلى الله عليه وسلم ( ألا فليعلم الشاهد منكم الغائب )).
القسم الثالث : أن يسأل عن شيء لم يوجبه الله عليه ، ولا على غيره ، وعلى هذا حمل الحديث لأنه قد يكون في السؤال ترتب مشقة بسبب تكليف يحصل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( وسكت عن أشياء رحمة لكم فلا تسألوا عنها )) . وعن علي رضي الله عنه لما نزلت {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ً}. [آل عمران :97].
قال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فأعرض عنه ، حتى أعاد مرتين أو ثلاثاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( وما يوشك أن أقول نعم ، والله لو قلت : نعم لو جبت ، ولو وجبت لما استطعتم ، فاتركوني ما تركتكم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمر فأجتنبوه )).
فإنزل الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تَسُؤُكُم } [المائدة:101]. أي لم آمركم بالعمل بها ، وهذا النهي خاص بزمانه صلى الله عليه وسلم . أما بعد أن استقرت الشريعة ،و أمن من الزيادة فيها زال النهي بزوال سببه ،وكره جماعة من السلف السؤال عن معاني الآيات المشتبهة .
سئل مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى :{الرحمن على العرش استوى }[طه:5] فقال : الاستواء معلوم، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة وأراك رجل سوء أخرجوه عني .
وقال بعضهم: مذهب السلف أسلم ، ومذهب الخلف أعلم : وهو السؤال.
الحديث العاشر
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "إن الله تعـالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً)، وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا ربِّ يا ربِّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟". (رواه مسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى طيب )) ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول ( اللهم إني أسألك باسمك المطهر الطاهر ، الطيب المبارك الأحب إليك الذي إذا دعيت به أجبت ، وإذا سئلت به أعطيت ، وإذا استرحمت به رحمت ، واذا استفرجت به فرجت )) ، ومعنى الطيب : المنزه عن النقائص والخبائث ، فيكون بمعنى القدوس وقيل طيب الثناء ومسلتذ الأسماء عند العارفين بها : وهو طيب عباده لدخول الجنة بالإعمال الصالحة وطيبها لهم ، والكلمة الطيبة : لا إله إلا الله .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا يقبل إلا طيباً )) أي فلا يتقرب إليه بصدقة حرام ، ويكره التصدق بالرديء من الطعام كالحب العتيق المسوس ، وكذلك يكره التصدق بما فيه شبهة قال الله تعالى :{ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } [البقرة:267]. فكما أنه تعالى لا يقبل المال إلا الطيب كذلك لا يقبل من العمل إلا الطيب الخالص من شائبة الرياء والعجب والسمعة ونحوها .
قوله: فقال تعالى: { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً } [المؤمنون:51].وقوله تعالى :{ يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم }[البقرة :172]. المراد بالطيبات الحلال.
في الحديث دليل على أن الشخص يثاب على ما يأكله إذا قصد به التقوي على الطاعة أو إحياء نفسه ،و ذلك من الواجبات ، بخلاف ما إذا أكل لمجرد الشهوة والتنعم .
قوله ( مطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام )) أي شبع ، وهو بضم الغين المعجمة وكسر الذال المعجمة المخففة من الغذي بالكسر والقصر ،و أما الغداء بالفتح والمد والدال المهملة : فهو عبارة عن نفس الطعام الذي يؤكل في الغداة ، قال الله تعالى :{ قال لفتاه آتنا غداءنا } [الكهف :62].
قوله : ((فأنى يستجاب له )) أي استبعاداُ لقبوله إجابة الدعاء ،و لهذا شرط العبادي لقبول الدعاء أكل الحلال ، والصحيح أن ذلك ليس بشرط فقد استجاب لشر خلقه إبليس فقال :{إنك من المنظرين } [الأعراف:15].
الحديث الحادي عشر
عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وريحانته رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". (رواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )) فيه دليل على أن المتقي ينبغي له أن لا يأكل المال الذي فيه شبهة ، كما يحرم عليه أكل الحرام ، وقد تقدم .
قوله : (( إلى ما لا يريبك )) أي اعدل إلى ما لا ريب فيه من الطعام الذي يطمئن به القلب وتسكن إليه النفس . والريبة : الشك وتقدم الكلام عن الشبهة.
الحديث الثاني عشر
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه". (حديث حسن رواه الترمذي وغيره هكذا)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم : (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) أي ما لا يهمه من أمر الدين والدنيا من الأفعال والأقوال . وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين سأله عن صحف إبراهيم قال ( كانت أمثالاً كلها ، كان فيها : أيها السلطان المغرور إني لم أبعثك لتجمع الأموال بعضها على بعض ولكن بعثتك لترد عن دعوة المظلوم فإني لا أردها ، ولوكانت من كافر. وكان فيها : على العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له أربع ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ،وساعة يتفكر في صنع الله تعالى ، وساعة يحدث فيها نفسه ، وساعة يخلو بذي الجلال والإكرام ، وإن تلك الساعة عون له علىتلك الساعات، .و كان فيها : على العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله ، أن لا يكون ساعياً إلا في ثلاث : تزود لمعاد، ومؤنة لمعاش ،ولذة في غير محرم .وكان فيها : على العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون بصيراً لزمانه ، مقبلاً على شأنه . حافظاً للسانه، ومن حسب الكلام من عمله يوشك أن يقل الكلام إلا فيما يعنيه )) .
قلت : بأبي وأمي فما كان في صحف موسى ؟ قال : (( كانت عبراً كلها ، كان فيها : عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك ، وعجباً لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجباً لمن رآى الدنيا وتقلبها بأهلها وهو يطمئن إليها ،و عجباً لمن أيقن بالقدر ثم هو يغضب ، وعجباً لمن أيقن بالحساب غداً وهو لا يعمل ))؟!.
قلت : بأبي وأمي هل بقي مما كان في صحفهما شيء؟ قال : ((نعم يا أباذر { قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى* بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخِرُة خيرَّ وأبقى * إنَّ هذا لفي الصُّحُفِ الأولى * صحف إبراهيم وموسى } [الأعلى:14-19]. إلى آخر السورة .
قلت : بأبي وأمي أوصني ،قال ( أوصيك بتقوى الله فإنها رأس أمرك كله )) ،قال : قلت زدني ، قال: (( عليك بتلاوة القرآن واذكر الله كثيراً فإنه يذكرك في السماء )) ، قلت زدني ، قال ( عليك بالجهاد فإنه رهبانية المؤمنين )) ، قلت زدني ، قال : (( عليك بالصمت فإنه مطردة للشياطين عنك ، وعون لك على أمر دينك )) ، قلت زدني ، قال : (( قل الحق ولو كان مراً )) ،قلت زدني ، قال ( لا تأخذك في الله لومة لائم ))، قلت :زدني، قال((صل رحمك وإن قطعوك ))، قلت: زدني ، قال : ((بحسب امرئ من الشر ما يجهل من نفسه ، ويتكلف ما لا يعنيه . يا أبا ذر : لا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف، ولا حسن كحسن الخلق )).
الحديث الثالث عشر
عن أبي حمزة أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )): الأولى أن يحمل ذلك علىعموم الأخوة ، حتي يشمل الكافر والمسلم، فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله في الإسلام ، كما يحب لأخيه المسلم دوامه على الإسلام ،ولهذا كان الدعاء بالهداية للكافر مستحباً، والحديث محمول على نفي الإيمان الكامل عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه . والمراد بالمحبة إرادة الخير والمنفعة، ثم المراد: المحبة الدينية لا المحبة البشرية ، فإن الطباع البشرية قد تكره حصول الخير وتمييز غيرها عليها ، والإنسان يجب عليه أن يخالف الطباع البشرية ويدعو لأخيه ويتمنى له ما يحب لنفسه ،والشخص متى لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه كان حسوداً .
والحسد كما قال الغزالي: ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : أن يتمنى زوال نعمة الغير وحصولها لنفسه .
الثاني : أن يتمنى زوال نعمة الغير وإن لم تحصل له كما إذا كان عنده مثلها أو لم يكن يحبها ، وهذا أشر من الأول .
الثالث: أن لا يتمنى زوال النعمة عن الغير ولكن يكره ارتفاعه عليه في الحظ والمنزلة ويرضى بالمساواةولا يرضى بالزيادة ،وهذا أيضاً محرم لأنه لم يرض بقسمة الله تعالى :{ أهم يقسمون رحمة ربك؟! نحن قسمنا معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضَهُم فوق بعضٍ درجاتٍ ليتخذَ بعضُهًم بعضاً سخرياً ورحمةُ ربكَ خيرُُمما يجمعون } [الزخرف:32]. فمن لم يرض بالقسمة فقد عارض الله تعالى في قسمته وحكمته.وعلى الإنسان أن يعالج نفسه ويحملها علىالرضى بالقضاء ويخالفها بالدعاء لعدوه بما يخالف النفس.
الحديث الرابع عشر
عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: (( الثيب الزاني )) المراد : من تزوج ووطىء في نكاح صحيح ثم زنا بعد ذلك ، فإنه يرجم ، وإن لم يكن متزوجاً في حالة الزنا لاتصافه بالإحصان .
قوله صلى الله عليه وسلم ( والنفس بالنفس )) أي بشرط المكافأة فلا يقتل المسلم بالكافر ولا الحر بالعبد عند الشافعية ، لا الحنفية.
قوله صلى الله عليه وسلم ( والتارك لدينه المفارق للجماعة ))وهو المرتد والعياذ بالله تعالى ، وقد يكون موافقاً للجماعة كاليهودي إذا تنصر ، وبالعكس يقتل لأنه تارك لدينه غير مفارق للجماعة ، وفيه قولان ، أصحها : لا يقتل بل يلحق بالمأمن . والثاني :يقتل لأنه اعتقد بطلان دينه الذي كان عليه وانتقل إلى دين كان يرى بطلانه قبل ذلك ، وهو غير الحق فلا يترك بل إن لم يسلم يقتل ،وقد تقدم القتل أيضاً في صورة سبق الكلام عليها.
الحديث الخامس عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) قال الشافعي رحمه الله تعالى : معنى الحديث : إذا أراد أن يتكلم فليفكر ، فإن ظهر أنه لا ضرر عليه تكلم ، وإن ظهر أن فيه ضرر أو شك فيه أمسك. وقال الإمام الجليل أبو محمد ابن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه : جميع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )). وقوله صلى الله عليه وسلم ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) . وقوله صلى الله عليه وسلم : للذي اختصر له الوصية ( لا تغضب )). وقوله ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )).
ونقل عن أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى أنه قال : السكوت في وقته صفة الرجال ، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال . قال : وسمعت أبا علي الدقاق يقول : من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس .وكذا نقله في (( حلية العلماء )) عن غير واحد . وفي (( حلية الأولياء )) أن الإنسان ينبغي له أن لا يخرج من كلامه إلا ما يحتاج إليه ، كما أنه لا ينفق من كسبه إلا ما يحتاج إليه وقال : لو كنتم تشترون الكاغد للحفظة لسكتم عن كثير من الكلام . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه )) وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( العافية في عشرة أجزاء : تسعة منها في الصمت إلاَّ عن ذكر الله تعالى عز وجل )) .ويقال : من سكت فسلم ، كمن قال فغنم . وقيل لبعضهم: لم لزمت السكوت ؟ قال : لأن لم أندم على السكوت قط ،و قد ندمت على الكلام مراراً. ومما قيل: جرح اللسان كجرح اليد، وقيل : اللسان كلب عقور إن خلي عنه عقر .وروي عن على رضي الله عنه .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )).
قال القاضي عياض : معنى الحديث : أن من التزم شرائع الإسلام ، لزمه إكرام الضيف والجار . وقد قال صلى الله عليه وسلم( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) . وقال صلى الله عليه وسلم (( من آذى جاره ملكه الله داره )). وقوله تعالى :{والجار ذي القربي والجار الجنب }[النساء:36].
الجار يقع على أربعة : الساكن معك في البيت . قال الشاعر: أجارتنا بالبيت إنك طالق
ويقع على من لاصق لبيتك، ويقع على أربعين داراً من كل جانب، ويقع على من يسكن معك في البلد ، قال الله تعالى :{ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلاً }[الأحزاب:6] فالجار القريب المسلم له ثلاثة حقوق، والجار البعيد المسلم له حقان ، وغير القريب المسلم له حق واحد .
والضيافة من آداب الإسلام ،وخلق النبين والصالحين ،و قد أوجبها الليث ليلة واحدة ،واختلفوا : اهل الضيافة على الحاضر والبادي ، أم على البادي خاصة ؟ فذهب الشافعي ، ومحمد بن عبد الحكم إلى أنها على الحاضر والبادي .وذهب مالك وسحنون : إلى أنها على أهل البوادي ، لأن المسافر يجد في الحضر المنازل في الفنادق ومواضع النزول وما يشتري من الأسواق وقد جاء في حديث : (( الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر )).
لكنه حديث موضوع.
الحديث السادس عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي (صلى الله عليه وسلم) : أوصني، قال: "لا تغضب"، فردّد مراراً، قال: "لا تغضب". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (( لا تغضب )) معناه لاتنفذ غضبك ، وليس النهي راجعاً إلىنفس الغضب ، لأنه من طباع البشر ، ولا يمكن الإنسان دفعه .
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( إياكم والغضب فإنه جمرة تتوقد في فؤاد ابن آدم ، ألم تر إلى أحدكم إذا غضب كيف تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه ، فإذا أحس أحدكم بشيء من ذلك فليضجع أو ليلصق بالأرض )).
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله علمني علماً يقربني من الجنة ويبعدني من النار قال: (( لا تغضب ولك الجنة )). وقال صلى الله عليه وسلم ( إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما يطفىء النار الماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ )).
وقال أبو ذر الغفاري : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ،فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضجع )).
وقال عيسى عليه الصلاة والسلام ليحي بن زكريا عليه الصلاة والسلام : إني معلمك علماً نافعاً : لا تغضب . فقال : وكيف لي أن لا أغضب ؟قال إذا قيل لك ما فيك فقل : ذنب ذكرته أستغفر الله منه ، وإن قيل لك ما ليس فيك فاحمد الله إذ لم يجعل فيك ما عيرت به ، وهي حسنة سيقت إليك .
وقال عمرو بن العاص : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يبعدني عن غضب الله تعالى قال ( لا تغضب )).
وقال لقمان لأبنه : إذا أردت أن تؤاخي أخاً فأغضبه ، فإن أنصفك وهو مغضب ، وإلا فاحذره.
عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه )) أي اجتنبوه جملة واحدة لا تفعلوه ولا شيئاً منه ، وهذا محموله على نهي التحريم ، فأما نهي الكراهة فيجوز فعله ، وأصل النهي في اللغة : المنع .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم )) فيه مسائل : منها إذا وجد ماء للوضوء لا يكفيه فالأظهر وجوب استعماله ثم يتيمم للباقي . ومنها إذا وجد بعض الصاع في الفطرة فإنه يجب إخراجه . ومنها إذا وجد بعض ما يكفي لنفقة القريب أو الزوجة أو البهيمة فإنه يجب بذله . وهذا بخلاف ما اذا وجد بعض الرقبة فإنه لا يجب عتقه عن الكفارة ، لأن الكفارة لها بدل وهو الصوم .
وقوله صلى الله عليه وسلم ( فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم علىأنبيائهم )). اعلم ان السؤال على أقسام :
القسم الأول : سؤال الجاهل عن فرائض الدين كالوضوء والصلاة والصوم ، وعن أحكام المعاملة ونحو ذلك .
وهذا السؤال واجب وعليه حمل قوله صلى الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) ومسلمة ، ولا يسع الإنسان السكوت عن ذلك قال تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } [النحل:43]، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إني أعطيت لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً ، كذلك أخبر عن نفسه رضي الله تعالى عنه .
والقسم الثاني: السؤال عن التفقه في الدين سبحانه وتعالى :{ فلولا نفر َ مِنْ كُلَّ فرقةٍ منهم طائفة ، ليتفقهوا في الدين ولِينذِروا قومَهُمْ إذا رَجَعوا إليهم لعلهم يَحذَرون } [التوبة:122].
وقال صلى الله عليه وسلم ( ألا فليعلم الشاهد منكم الغائب )).
القسم الثالث : أن يسأل عن شيء لم يوجبه الله عليه ، ولا على غيره ، وعلى هذا حمل الحديث لأنه قد يكون في السؤال ترتب مشقة بسبب تكليف يحصل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( وسكت عن أشياء رحمة لكم فلا تسألوا عنها )) . وعن علي رضي الله عنه لما نزلت {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ً}. [آل عمران :97].
قال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فأعرض عنه ، حتى أعاد مرتين أو ثلاثاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( وما يوشك أن أقول نعم ، والله لو قلت : نعم لو جبت ، ولو وجبت لما استطعتم ، فاتركوني ما تركتكم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمر فأجتنبوه )).
فإنزل الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تَسُؤُكُم } [المائدة:101]. أي لم آمركم بالعمل بها ، وهذا النهي خاص بزمانه صلى الله عليه وسلم . أما بعد أن استقرت الشريعة ،و أمن من الزيادة فيها زال النهي بزوال سببه ،وكره جماعة من السلف السؤال عن معاني الآيات المشتبهة .
سئل مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى :{الرحمن على العرش استوى }[طه:5] فقال : الاستواء معلوم، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة وأراك رجل سوء أخرجوه عني .
وقال بعضهم: مذهب السلف أسلم ، ومذهب الخلف أعلم : وهو السؤال.
الحديث العاشر
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "إن الله تعـالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً)، وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا ربِّ يا ربِّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟". (رواه مسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى طيب )) ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول ( اللهم إني أسألك باسمك المطهر الطاهر ، الطيب المبارك الأحب إليك الذي إذا دعيت به أجبت ، وإذا سئلت به أعطيت ، وإذا استرحمت به رحمت ، واذا استفرجت به فرجت )) ، ومعنى الطيب : المنزه عن النقائص والخبائث ، فيكون بمعنى القدوس وقيل طيب الثناء ومسلتذ الأسماء عند العارفين بها : وهو طيب عباده لدخول الجنة بالإعمال الصالحة وطيبها لهم ، والكلمة الطيبة : لا إله إلا الله .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا يقبل إلا طيباً )) أي فلا يتقرب إليه بصدقة حرام ، ويكره التصدق بالرديء من الطعام كالحب العتيق المسوس ، وكذلك يكره التصدق بما فيه شبهة قال الله تعالى :{ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } [البقرة:267]. فكما أنه تعالى لا يقبل المال إلا الطيب كذلك لا يقبل من العمل إلا الطيب الخالص من شائبة الرياء والعجب والسمعة ونحوها .
قوله: فقال تعالى: { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً } [المؤمنون:51].وقوله تعالى :{ يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم }[البقرة :172]. المراد بالطيبات الحلال.
في الحديث دليل على أن الشخص يثاب على ما يأكله إذا قصد به التقوي على الطاعة أو إحياء نفسه ،و ذلك من الواجبات ، بخلاف ما إذا أكل لمجرد الشهوة والتنعم .
قوله ( مطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام )) أي شبع ، وهو بضم الغين المعجمة وكسر الذال المعجمة المخففة من الغذي بالكسر والقصر ،و أما الغداء بالفتح والمد والدال المهملة : فهو عبارة عن نفس الطعام الذي يؤكل في الغداة ، قال الله تعالى :{ قال لفتاه آتنا غداءنا } [الكهف :62].
قوله : ((فأنى يستجاب له )) أي استبعاداُ لقبوله إجابة الدعاء ،و لهذا شرط العبادي لقبول الدعاء أكل الحلال ، والصحيح أن ذلك ليس بشرط فقد استجاب لشر خلقه إبليس فقال :{إنك من المنظرين } [الأعراف:15].
الحديث الحادي عشر
عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وريحانته رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". (رواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )) فيه دليل على أن المتقي ينبغي له أن لا يأكل المال الذي فيه شبهة ، كما يحرم عليه أكل الحرام ، وقد تقدم .
قوله : (( إلى ما لا يريبك )) أي اعدل إلى ما لا ريب فيه من الطعام الذي يطمئن به القلب وتسكن إليه النفس . والريبة : الشك وتقدم الكلام عن الشبهة.
الحديث الثاني عشر
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه". (حديث حسن رواه الترمذي وغيره هكذا)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم : (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) أي ما لا يهمه من أمر الدين والدنيا من الأفعال والأقوال . وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين سأله عن صحف إبراهيم قال ( كانت أمثالاً كلها ، كان فيها : أيها السلطان المغرور إني لم أبعثك لتجمع الأموال بعضها على بعض ولكن بعثتك لترد عن دعوة المظلوم فإني لا أردها ، ولوكانت من كافر. وكان فيها : على العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له أربع ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ،وساعة يتفكر في صنع الله تعالى ، وساعة يحدث فيها نفسه ، وساعة يخلو بذي الجلال والإكرام ، وإن تلك الساعة عون له علىتلك الساعات، .و كان فيها : على العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله ، أن لا يكون ساعياً إلا في ثلاث : تزود لمعاد، ومؤنة لمعاش ،ولذة في غير محرم .وكان فيها : على العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون بصيراً لزمانه ، مقبلاً على شأنه . حافظاً للسانه، ومن حسب الكلام من عمله يوشك أن يقل الكلام إلا فيما يعنيه )) .
قلت : بأبي وأمي فما كان في صحف موسى ؟ قال : (( كانت عبراً كلها ، كان فيها : عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك ، وعجباً لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجباً لمن رآى الدنيا وتقلبها بأهلها وهو يطمئن إليها ،و عجباً لمن أيقن بالقدر ثم هو يغضب ، وعجباً لمن أيقن بالحساب غداً وهو لا يعمل ))؟!.
قلت : بأبي وأمي هل بقي مما كان في صحفهما شيء؟ قال : ((نعم يا أباذر { قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى* بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخِرُة خيرَّ وأبقى * إنَّ هذا لفي الصُّحُفِ الأولى * صحف إبراهيم وموسى } [الأعلى:14-19]. إلى آخر السورة .
قلت : بأبي وأمي أوصني ،قال ( أوصيك بتقوى الله فإنها رأس أمرك كله )) ،قال : قلت زدني ، قال: (( عليك بتلاوة القرآن واذكر الله كثيراً فإنه يذكرك في السماء )) ، قلت زدني ، قال ( عليك بالجهاد فإنه رهبانية المؤمنين )) ، قلت زدني ، قال : (( عليك بالصمت فإنه مطردة للشياطين عنك ، وعون لك على أمر دينك )) ، قلت زدني ، قال : (( قل الحق ولو كان مراً )) ،قلت زدني ، قال ( لا تأخذك في الله لومة لائم ))، قلت :زدني، قال((صل رحمك وإن قطعوك ))، قلت: زدني ، قال : ((بحسب امرئ من الشر ما يجهل من نفسه ، ويتكلف ما لا يعنيه . يا أبا ذر : لا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف، ولا حسن كحسن الخلق )).
الحديث الثالث عشر
عن أبي حمزة أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )): الأولى أن يحمل ذلك علىعموم الأخوة ، حتي يشمل الكافر والمسلم، فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله في الإسلام ، كما يحب لأخيه المسلم دوامه على الإسلام ،ولهذا كان الدعاء بالهداية للكافر مستحباً، والحديث محمول على نفي الإيمان الكامل عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه . والمراد بالمحبة إرادة الخير والمنفعة، ثم المراد: المحبة الدينية لا المحبة البشرية ، فإن الطباع البشرية قد تكره حصول الخير وتمييز غيرها عليها ، والإنسان يجب عليه أن يخالف الطباع البشرية ويدعو لأخيه ويتمنى له ما يحب لنفسه ،والشخص متى لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه كان حسوداً .
والحسد كما قال الغزالي: ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : أن يتمنى زوال نعمة الغير وحصولها لنفسه .
الثاني : أن يتمنى زوال نعمة الغير وإن لم تحصل له كما إذا كان عنده مثلها أو لم يكن يحبها ، وهذا أشر من الأول .
الثالث: أن لا يتمنى زوال النعمة عن الغير ولكن يكره ارتفاعه عليه في الحظ والمنزلة ويرضى بالمساواةولا يرضى بالزيادة ،وهذا أيضاً محرم لأنه لم يرض بقسمة الله تعالى :{ أهم يقسمون رحمة ربك؟! نحن قسمنا معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضَهُم فوق بعضٍ درجاتٍ ليتخذَ بعضُهًم بعضاً سخرياً ورحمةُ ربكَ خيرُُمما يجمعون } [الزخرف:32]. فمن لم يرض بالقسمة فقد عارض الله تعالى في قسمته وحكمته.وعلى الإنسان أن يعالج نفسه ويحملها علىالرضى بالقضاء ويخالفها بالدعاء لعدوه بما يخالف النفس.
الحديث الرابع عشر
عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم: (( الثيب الزاني )) المراد : من تزوج ووطىء في نكاح صحيح ثم زنا بعد ذلك ، فإنه يرجم ، وإن لم يكن متزوجاً في حالة الزنا لاتصافه بالإحصان .
قوله صلى الله عليه وسلم ( والنفس بالنفس )) أي بشرط المكافأة فلا يقتل المسلم بالكافر ولا الحر بالعبد عند الشافعية ، لا الحنفية.
قوله صلى الله عليه وسلم ( والتارك لدينه المفارق للجماعة ))وهو المرتد والعياذ بالله تعالى ، وقد يكون موافقاً للجماعة كاليهودي إذا تنصر ، وبالعكس يقتل لأنه تارك لدينه غير مفارق للجماعة ، وفيه قولان ، أصحها : لا يقتل بل يلحق بالمأمن . والثاني :يقتل لأنه اعتقد بطلان دينه الذي كان عليه وانتقل إلى دين كان يرى بطلانه قبل ذلك ، وهو غير الحق فلا يترك بل إن لم يسلم يقتل ،وقد تقدم القتل أيضاً في صورة سبق الكلام عليها.
الحديث الخامس عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) قال الشافعي رحمه الله تعالى : معنى الحديث : إذا أراد أن يتكلم فليفكر ، فإن ظهر أنه لا ضرر عليه تكلم ، وإن ظهر أن فيه ضرر أو شك فيه أمسك. وقال الإمام الجليل أبو محمد ابن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه : جميع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )). وقوله صلى الله عليه وسلم ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) . وقوله صلى الله عليه وسلم : للذي اختصر له الوصية ( لا تغضب )). وقوله ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )).
ونقل عن أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى أنه قال : السكوت في وقته صفة الرجال ، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال . قال : وسمعت أبا علي الدقاق يقول : من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس .وكذا نقله في (( حلية العلماء )) عن غير واحد . وفي (( حلية الأولياء )) أن الإنسان ينبغي له أن لا يخرج من كلامه إلا ما يحتاج إليه ، كما أنه لا ينفق من كسبه إلا ما يحتاج إليه وقال : لو كنتم تشترون الكاغد للحفظة لسكتم عن كثير من الكلام . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه )) وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( العافية في عشرة أجزاء : تسعة منها في الصمت إلاَّ عن ذكر الله تعالى عز وجل )) .ويقال : من سكت فسلم ، كمن قال فغنم . وقيل لبعضهم: لم لزمت السكوت ؟ قال : لأن لم أندم على السكوت قط ،و قد ندمت على الكلام مراراً. ومما قيل: جرح اللسان كجرح اليد، وقيل : اللسان كلب عقور إن خلي عنه عقر .وروي عن على رضي الله عنه .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )).
قال القاضي عياض : معنى الحديث : أن من التزم شرائع الإسلام ، لزمه إكرام الضيف والجار . وقد قال صلى الله عليه وسلم( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) . وقال صلى الله عليه وسلم (( من آذى جاره ملكه الله داره )). وقوله تعالى :{والجار ذي القربي والجار الجنب }[النساء:36].
الجار يقع على أربعة : الساكن معك في البيت . قال الشاعر: أجارتنا بالبيت إنك طالق
ويقع على من لاصق لبيتك، ويقع على أربعين داراً من كل جانب، ويقع على من يسكن معك في البلد ، قال الله تعالى :{ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلاً }[الأحزاب:6] فالجار القريب المسلم له ثلاثة حقوق، والجار البعيد المسلم له حقان ، وغير القريب المسلم له حق واحد .
والضيافة من آداب الإسلام ،وخلق النبين والصالحين ،و قد أوجبها الليث ليلة واحدة ،واختلفوا : اهل الضيافة على الحاضر والبادي ، أم على البادي خاصة ؟ فذهب الشافعي ، ومحمد بن عبد الحكم إلى أنها على الحاضر والبادي .وذهب مالك وسحنون : إلى أنها على أهل البوادي ، لأن المسافر يجد في الحضر المنازل في الفنادق ومواضع النزول وما يشتري من الأسواق وقد جاء في حديث : (( الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر )).
لكنه حديث موضوع.
الحديث السادس عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي (صلى الله عليه وسلم) : أوصني، قال: "لا تغضب"، فردّد مراراً، قال: "لا تغضب". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (( لا تغضب )) معناه لاتنفذ غضبك ، وليس النهي راجعاً إلىنفس الغضب ، لأنه من طباع البشر ، ولا يمكن الإنسان دفعه .
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( إياكم والغضب فإنه جمرة تتوقد في فؤاد ابن آدم ، ألم تر إلى أحدكم إذا غضب كيف تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه ، فإذا أحس أحدكم بشيء من ذلك فليضجع أو ليلصق بالأرض )).
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله علمني علماً يقربني من الجنة ويبعدني من النار قال: (( لا تغضب ولك الجنة )). وقال صلى الله عليه وسلم ( إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما يطفىء النار الماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ )).
وقال أبو ذر الغفاري : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ،فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضجع )).
وقال عيسى عليه الصلاة والسلام ليحي بن زكريا عليه الصلاة والسلام : إني معلمك علماً نافعاً : لا تغضب . فقال : وكيف لي أن لا أغضب ؟قال إذا قيل لك ما فيك فقل : ذنب ذكرته أستغفر الله منه ، وإن قيل لك ما ليس فيك فاحمد الله إذ لم يجعل فيك ما عيرت به ، وهي حسنة سيقت إليك .
وقال عمرو بن العاص : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يبعدني عن غضب الله تعالى قال ( لا تغضب )).
وقال لقمان لأبنه : إذا أردت أن تؤاخي أخاً فأغضبه ، فإن أنصفك وهو مغضب ، وإلا فاحذره.
مواضيع مماثلة
» ..الجزء الرابع: الأحاديث الأربعون النووية.كاملة..
» ..الجزء الثالث: الأحاديث الأربعون النووية..كااملة ..
» الجزء الخامس: الاربعون النووية كاملة ..
» ..الجزء الثانى:موسوعة ... الأحاديث القدسية حسب الترتيب الهجائي حرف الألف
» الجزء الثانى:سنن منسية ..
» ..الجزء الثالث: الأحاديث الأربعون النووية..كااملة ..
» الجزء الخامس: الاربعون النووية كاملة ..
» ..الجزء الثانى:موسوعة ... الأحاديث القدسية حسب الترتيب الهجائي حرف الألف
» الجزء الثانى:سنن منسية ..
الطريق الى الفردوس :: رمضــــــ كريم ـــــــــان :: ©؛°¨°؛©]... الاحاديـــــــث النبوية الشريـــــــفة ...[©؛°¨°؛©.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء أغسطس 17, 2011 4:13 pm من طرف Admin
» تفسيرسورة النمل عدد آياتها 93 ( آية 51-75 )
الأربعاء أغسطس 17, 2011 4:12 pm من طرف Admin
» تفسيرسورة النمل عدد آياتها 93 ( آية 26-50 )
الأربعاء أغسطس 17, 2011 4:11 pm من طرف Admin
» تفسيرسورة النمل عدد آياتها 93 ( آية 1-25 )
الأربعاء أغسطس 17, 2011 4:10 pm من طرف Admin
» ..ســـــــورة النمـــــــل كاملــــــــــــه ..
الأربعاء أغسطس 17, 2011 4:09 pm من طرف Admin
» تفسيرسورة الشعراء عدد آياتها 227 ( آية 201-227 )
الأربعاء أغسطس 17, 2011 4:07 pm من طرف Admin
» تفسيرسورة الشعراء عدد آياتها 227 ( آية 176-200 )
الأربعاء أغسطس 17, 2011 4:06 pm من طرف Admin
» تفسيرسورة الشعراء عدد آياتها 227 ( آية 151-175 )
الأربعاء أغسطس 17, 2011 4:05 pm من طرف Admin
» تفسيرسورة الشعراء عدد آياتها 227 ( آية 126-150 )
الأربعاء أغسطس 17, 2011 4:04 pm من طرف Admin